Close

أشرف شرف يكتب عن الفنّ وأشياء أخرى

كيف نجا الزعيم عادل إمام من فخ السقوط في أفلام المقاولات

كيف نجا الزعيم من السقوط في بئر أفلام المقاولات التي تسيّدت المشهد السينمائي في مصر بفترة الثمانينيات وبرغم من ضخامة إنتاج تلك الفترة وتميّز معظم أفلامها السينمائية على المستوى الفني وظهور جيل جديد من المخرجين وكتاب السيناريو ليشكلوا معا جيل أطلق عليه “الواقعية الجديدة” على غرار التجارب السينمائية في أوروبا، تحديدا السينما الإيطالية، ومن بعدها الفرنسية. إلا أنه في السينما المصرية ظهر في تلك المرحلة خطّ سار بالتوازي مع التجارب العظيمة، صحيح لم يكن يضاهي تجربة الواقعية الجديدة، لكنه كان أكثر إنتاجا وزخما، وأطلق عليه مصطلح “أفلام المقاولات”، تلك الأعمال التي تهدف إلى الربح التجاري دون النظر إلى جودة وقيمة العمل، وكان هذا النوع متواجد ومؤثر في بعض الأحيان، حتى وإن لم يكن نقديا وجماهيريا، لكنه أصبح عامل مهم للسقوط والتراجع الذي شهدته السينما المصرية في بداية التسعينيات بسبب قلة الأعمال المنتجة وارتفاع أجور النجوم، وهو الأمر الذي استمر حتى نهاية الحقبة، وتحديدا بعد انطلاقة فيلم “صعيدي في الجامعة الأمريكية” الذي أنتجته شركة “العدل جروب”، وقام ببطولته محمد هنيدي.

 

و أعتقد أن السبب الرئيسي والأساسي لظهور وانتشار “أفلام المقاولات”، كان قرار إغلاق دور العرض في السعودية، ولجوء المنتج أو المستثمر السعودي لشراء أفلام السينما المصرية بأسعار زهيدة، ثم وضعها على شرائط الفيديو، فأصبح السوق في حاجة إلى كمّ كبير من الأفلام في وقت قصير، وهذا ما أثّر بالسلب على جودة الأفلام، وساهم في ظهور عدد من المنتجين ممن يملكون الأموال، لكن بفكر سينمائي فقير وضعيف، وساعد على هذا اعتماد هؤلاء المنتجين على فنانين من الصفوف الثانية والثالثة، وإغرائهم لتقديم أدوار البطولة أملا في تحقيق الشهرة والنجومية، وساهم وقتها قرار غرفة صناعة السينما بعد علمهم بمسألة وضع الأفلام المصرية على شرائط الفيديو بأنهم وضعوا شرط أن يتم عرض الفيلم تجاريا أولا في دور العرض المصرية، قبل تعبئته على شريط الفيديو، وهذا ما جعل المنتجين يتجهون إلى طرح تلك الأفلام لمدة أسبوع في دور العرض ثم وضعها على شرائط الفيديو ثم تصديرها للخارج كنوع من أنواع التحايل على قرار غرفة صناعة السينما.

 

شارك معظم الممثلين في مرحلة الثمانينيات في هذه النوعية من الأفلام، لكن هناك من أطلق عليه “إمبراطور أفلام المقاولات”، إلا أن النموذج الأبرز في الثمانينيات هو ناصر حسين، وحصل على هذا اللقب لأنه لم يكتف بالإنتاج فقط، بل كان يشارك في كتابة الأفلام، وإن لم تكن من تأليفه بمفرده، ويتولى الإخراج أيضا، وقدّم في حقبة الثمانينيات ما يقرب من ٢٢ فيلما من إخراجه، وكان مؤلفا ل ١٢ منهم، ومن أشهر الأفلام التي قدمها “هروب الأوغاد”، الذي شارك في بطولته سعيد صالح وحنان شوقي ومحمود الجندي وعطية عويس، و”الصعايدة جم” لسعيد صالح أيضا ومعه هياتم وسامي العدل ووحيد سيف، و”المشاغبون في أجازة” لمحمد رضا وليلى حمادة وأحمد عبد العزيز، و”طبول في الليل” بطولة محمد الحلو وإيمان وحاتم ذوالفقار. أما أشهر الفنانين الذين أقدموا وانخرطوا في تقديم “أفلام المقاولات”، فيأتي في المقدمة الثنائي سعيد صالح ويونس شلبي، حيث شكلا مع ناصر حسين مثلث الرعب الأبرز في فترة الثمانينات.

 

 والغريب في الأمر أن الزعيم عادل إمام كاد أن يسقط في تلك البئر يوما ما حسب ما حكاه لي المنتج والمخرج ناصر حسين في مذكراته التي حكاها لي والتي سأنشرها قريبا، وهو أنه أتفق مع الزعيم عادل إمام على بطولة فيلم شريطة ألا يخرجه هو وأن يتولى إخراج الفيلم أحمد فؤاد. ووافق حسين على هذا الشرط وبالفعل تم التحضر لهذا الفيلم الذى حمل اسم “القطار” من تأليف سعيد محمد مرزوق، لكنهما اختلفا في الأجر، إذ أن الزعيم طلب ٨ الآف جنيه بينما حسين قال له “أنا أعلى نجم عندي بياخد ٥ الآف جنيه” فانسحب الزعيم من الفيلم و جاء بدلا منه النجم الكبير الراحل نور الشريف و شاركته البطولة ميرفت أمين،  ومعهم كل من أمين الهنيدي و نبيلة السيد ووحيد سيف، لذا بترك الزعيم عادل إمام لهذا الفيلم يصبح  القدر وحده الذي أنقذه من براثن أفلام المقاولات التي كانت مسيطرة في تلك الفترة …. تلك القصة تنشر لأول مرة.

 

  على جانب آخر، يصبح المخرج حسين عمارة من أهم المخرجين الذي حققوا النجاح في أفلام المقاولات، رغم أنه من المخرجين الذين بدأت مسيرتهم في الستينيات، إلا أن أوجّ نشاطه كانت في فترة الثمانينيات، بأفلام مثل “السطوح” و”ياما أنت كريم يارب” و”الأرملة العذراء”، وهناك أيضا المخرج والمنتج أحمد ثروت بأفلام “اللي خد حاجة رجعها” و”مسعود سعيد ليه” و”كله تمام” و”مخبر دايما جاهز”، وأيضا المخرج والمنتج السعيد مرزوق الذي قدم ٦ أفلام فقط، هم “المتشردان” و”ممنوع الطلبة” و”ممنوع في مدرسة البنات” و”فقراء لكن سعداء” و”عطشانة” و”أولاد حظ” و”الغني والفقير”، ونفس الحال المخرج والمنتج صلاح سري الذي قدم ٥ أفلام فقط جميعهم في مرحلة الثمانينيات هم “التريلا” و”لعنة المال” و”الفحامين” و”الشرابية” و”إمرأة مع الشيطان”.

Facebook
Twitter
LinkedIn
Telegram
WhatsApp