Close

أشرف شرف يكتب عن الفنّ وأشياء أخرى

"الأبرياء" مسلسل مصري اعترضت عليه الرقابة لذا عرض عربيا فقط

هل هناك أبرياء فعلا؟ هذا السؤال أجاب عليه كاتب مصر الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة حينما قدّم مسلسلا حمل نفس الإسم استوحى أحداثه من رواية “اللص والكلاب” لأديب مصر العالمي نجيب محفوظ، “الأبرياء” إنتاج الفلسطيني الكبير رياض العريان لصالح “الشركة العربية للإنتاج الإعلامي” في الرياض. 

 

الغريب في الأمر أن كاتب مصر الكبير أسامة أنور عكاشة فوجئ برفض الرقابة المصرية على عرض هذا المسلسل، وكتب في التقرير أن أهم أسباب الرفض هو أنه يسقط أحداث المسلسل على نظام الرئيس السادات، لذا لم يعرض المسلسل على التلفزيون المصري بل عرض على بعض القنوات العربية.

 

هذا المسلسل تم تصويره بالكامل في اليونان وهذا الأمر لم يكن غريبا في ذلك الوقت إذ كانت معظم المسلسلات المصرية. والعربية تخرج للتصوير هناك وفي بعض الدول الأوروبية.

 

ولعب بطولة هذا المسلسل كل من حسن يوسف، ميرفت أمين، دلال عبد العزيز، فاروق الفيشاوي، أنور إسماعيل، فاروق نجيب، عبد الرحمن أبو زهرة، سيد عبد الكريم، صلاح رشوان، محمد خيري، عبد الله محمود، سيد عزمي، وضيف الشرف النجم الكبير محمود المليجي، إنتاج سنة 1981 وإخراج فخر الدين صلاح الذي شكل ثنائيا رائعا مع الكاتب سامة أنور عكاشة في البدايات في أعمال مثل “أبواب المدينة” بجزئيه، و “أدرك شهريار الصباح”، و”الإنسان والجبل” كتب لها القصة عكاشة بينما السيناريو والحوار لكرم النجار. وأعتقد أن هذا الثنائي بين (أسامة وصلاح) كان سيشكل قوة ضاربة في فترة الثمانينات لولا أن القدر لم يمهل صلاح لاستكمال مسيرته حيث توفي في الطائرة المصرية العائدة من اليونان بعد اختطافها في الحادث الإرهابي الشهير المعروف باسم حادث الرحلة 684 مصر للطيران. وتوفي مع فخر الدين صلاح خمسة آخرين من الوسط الفني من بينهم على سبيل المثال مساعده أحمد إبراهيم الشال و”الماكيير” علي إمام ونجل الفنان الكبير إبراهيم الشامي محمود.

 

ومن المفارقات الغريبة أن صلاح كان ينوي تقديم فيلما من إنتاج التليفزيون يحكي عن الإرهاب الدولي المتمثل في اختطاف الطائرات كتطوير لفكرة مسلسله الذي تم تقديمه مع رفيق البدايات أسامة أنور عكاشة وحمل اسم “الحصار”، لكن القدر لم يمهله وكان منشغلا وقتها بمسلسل آخر لهما وهو “أدرك شهريار الصباح” الذي شهد آخر تعاون فني بينهما إنتاج 1985 إذ مات صلاح بحادث نفذه الإرهاب الدولي.

 

الأبرياء من وجهه نظر عكاشة كانوا الناس المصريين البسطاء الذين تحوّلوا لقساة بظروف المجتمع الصعبة والنظام إن جاز التعبير. راهن عكاشة في هذا المسلسل على ثقافته وعلى رؤيته البعيدة ونظرته الثاقبة لما يدور حوله من أحداث، وكتب بعين الواعي الكبير لما سوف يحدث وما حدث من نظام الرئيس السادات، ووجهة نظره هذه كلّفته الكثير أهمها الهجوم الشرس من أحد رؤساء التحرير الكبار لصحيفة قومية كبرى بحث اتهمه بأنه ناصريّ فكيف يكتب عن الرئيس السادات بإنصاف. وانتصر هذا الصحفي على قلم عكاشة وتسبب في عدم خروج سيناريو فيلمه “أبواب الفجر” عن حرب أكتوبر العظيمة مما أدخل عكاشة في حالة إحباط كبيرة ودخل في اكتئاب حاد لفترة من الوقت.

 

في المقالات القادمة سنفتش عن أعمال أخرى أرّخت للمجتمع المصري دراميا وسينمائيا…… وما زال للحديث بقية.

Facebook
Twitter
LinkedIn
Telegram
WhatsApp