Close

تغطية معركة “عين الحلوة” في المحطات الفضائية العربية: شهادات من الميدان

مالك دغمان

 

تختلف تغطية المراسل الصحفي في القنوات الفضائية عن تلك المحلية من حيث تنوّع الجمهور المستهدف والتقنيات المستخدمة.

 

يواجه الصحفيون في تغطياتهم لمناطق النزاعات والحروب تحديات ومخاطر كبيرة تهدّد سلامتهم الشخصية في أحيان كثيرة لعوامل عدة منها نقص معدات السلامة والإعداد لتغطية أماكن النزاع. ففي العام ٢٠١٦، وثّق “مرصد الحريات الصحفية” (JFO) مقتل وإصابة ٥٥ صحفياً ومساعداً إعلامياً في أماكن مختلفة في بسبب إجراءات السلامة وغياب التأهيل اللازم. كما كشف التقرير عن معاناة الفرق الإعلامية والصحفيين الميدانيين في أماكن النزاعات من تضييق شديد في الحركة وفي نقل الأحداث من قبل جهات متعددة تعمد أحيانا إلى احتجاز بعضهم وتحطيم أجهزتهم ومصادرة سيارات البثّ المباشر.

 

حاورت “دياليكتيك” ثلاثة صحفيين يعملون في مؤسسات إعلامية فضائية غطوا اشتباكات عين الحلوة الأخيرة في لبنان وهم: علي رباح مراسل “التلفزيون العربي”، وحنان عيسى مراسلة “قناة الغد”، وعباس صباغ مراسل “قناة الميادين”. فكيف يتعاملون مع التحديات التي يواجهونها في الميدان؟ وما هي المعايير التي يعتمدونها في تغطيتهم الأخبار وفي الحصول على المعلومات؟

 

علي رباح: هذه أفضل طريقة للتعامل مع تضارب المعلومات

 

يعتبر علي رباح مراسل “التلفزيون العربي” أن لبنان “يشكل نموذجا سهلا في التغطيات”، لكن رغم ذلك، يتعرّض الصحفيون في تغطيات كثيرة لضغوطات ومخاطر جدية.

 

يعدد رباح المضايقات التي تعرّض لها خلال تغطيته لاشتباكات مخيّم “عين الحلوة” لا سيما من أطراف سياسية حاولت “إملاء المعلومات على الصحفيين لإرسال رسائل محددة لخصومهم”. بالنسبة له، فهو يحرص دائما على “نقل الصورة بشكل واقعي بعيدا عن أي احتكاك مع الأطراف المتخاصمة وذلك من خلال الابتعاد عن أماكن التجمعات وإلقاء رسالته المباشرة بكل هدوء وروية”.

 

بين حطين والجهة المقابلة للمخيم، يروي كيف “تمركز مع فريق العمل دون أي تنسيق جدي مع الأجهزة الأمنية”، فالحس الصحفي يلعب دورا مهمّا خلال تغطيته للأحداث “خاصة بما يتعلق بسلامته الجسدية وكيف يمكن أن يحمي نفسه مع الحرص على الوجود في أماكن تجمّع الزملاء”.

 

يفصل رباح بين المعلومات التي يحصل عليها من المصادر ويجب التحقق منها، وبين تلك التي ينقلها في الميدان. فالأخيرة “ترتبط بالوضع الميداني أي تنقل عبر رسائل البث المباشرة، كتحديد أماكن تساقط القذائف أو ازدياد حدة الاشتباكات على هذا المحور أو ذاك بعد معرفة أسماء المناطق”. أما في ما يخص المعلومات التي تستقى من المصادر داخل المخيم، فهي غالبا ما تكون متضاربة. لذلك، “فإن الطريقة الأفضل في التعامل مع المعلومة هي في نسبها للمصدر عند بثها”.

 

 في هذا الإطار، يلفت رباح إلى التحديات والآثار السلبية للأخبار التي يتم تناقلها بشكل مكثف عبر مجموعات “الواتساب” والتي تفتقد إلى الدقة وقد تزيد من الاحتقان والتوتر. لذلك، يجب “على الصحفي معرفة المصدر الأنسب في الحصول على المعلومة، والخبرة تلعب دورا مهما لا سيما في جزئية تقدير المعلومة والمشاهدات الميدانية”. لذا، فهو ينصح بعدم “الانجرار وراء ضخ المعلومات، بل يجب التحقق من تقاطعها مع المصادر من أجل القيام بواجب مهني كامل دون الابتعاد عن أخلاقيات المهنة”.

 

حنان عيسى: يجب التروي نحن لسنا في سباق لنقل المعلومات

 

تؤكد مراسلة “قناة الغد” حنان عيسى في حديثها على أهمية وضع الخوذة والدرع لتمييز الصحفي خاصة في المناطق التي تشهد نزاعا مسلحا، مع محاولة الاحتماء قدر المستطاع عند اشتداد حدة الاشتباكات دون أن تنسق مع الأجهزة الأمنية لأنها “ليست على خطوط التماس في الجبهة أو في الصفوف الأمامية، مع حرصها المطلق على عدم إزعاج أهالي الحي أو القاطنين فيه”.

 

تعطي عيسى حيّزا مهمّا خلال حديثها عن ضرورة التحقق من المعلومات ومصادر الأخبار التي تستقيها. “كل صحفي أو مراسل يمتلك شبكة من المصادر والعلاقات، وفي ظل سرعة انتشار المعلومات ومجموعات “الواتساب” التي بغالبيتها تنقل أخبارا مغلوطة ومتضاربة فإننا نجد أنفسنا كمراسلين أمام مسؤولية كبيرة ولا يمكننا العمل وفق مبدأ النسخ واللصق. يجب التأكد أولا من مصدر المعلومة ومن صحتها، ومن ثم نقوم بنشرها”.

 

وفي ما يتعلّق بالموازنة بين أخلاقيات المهنة والتغطية، تصرّ عيسى أن “الأولوية هي للمعلومة الصحيحة ويجب أن نأخذ الوقت الكافي للحصول عليها، فالعملية ليست بسباق، والأهم بالنسبة للصحفيّ هي المعلومة الدقيقة تجنبا للوقوع في الخطأ”.

 

كما تعتبر أنه “من غير المنطقي الحديث عن القلق والصدمات النفسية بشكل مبالغ فيه عند التواجد خارج الجبهة. في التغطية داخل الجبهة يتعرّض الصحفيّ لخطر المسلحين والرصاص، أما خارجها، فالعمل يختلف كليّا حيث يكون أكثر سلاسة ومن دون أي ضغوط”.

 

عباس صباغ: الصحفي ليس محللا سياسيا

 

تتعرض حياة وسلامة الصحفيين لتهديد كبير أثناء تغطية الاشتباكات والصراعات المسلحة، ليس فقط في الإصابات الجسدية بفعل الرصاص والانفجارات، بل أيضا لناحية التأثيرات النفسية الجسيمة.

 

يعتبر مراسل “قناة الميادين “عباس صباغ أن هذه المخاطر يجب التعامل معها عبر “توفير الحماية والتدريب المناسبين للصحفيين وضمان سلامتهم أثناء أداء مهامهم الصحفية الحيوية”. بالنسبة إليه، فهو “يلتزم دائما بأدق الإجراءات الاحترازية التي تقيه من الاشتباكات، إذ يعمل على اختيار أماكن آمنة للتغطية وفق تقديره للمشهد، مع ضمان نقل الصورة الواسعة والدقيقة للمشاهد”.

 

ويعتبر صباغ أنه من الطبيعي التنسيق مع القادة الأمنيين خلال الأحداث بشكل عام، إلا أن ذلك لم يكن متوفّرا في “معارك عين الحلوة الأخيرة بسبب غياب التنظيم”. على سبيل المثال، كان يواجه “مشكلة في الحصول على المعلومات من مجموعات الاسلاميين بسبب غياب المصادر.  في المقابل، كان التعامل مع مصادر “حركة فتح” من ناحية الاستحصال على المعلومات أسهل ودون أي مشاكل”.

 

لا يعطي صباغ أولوية للتسرع في عمله الصحفي، “فالمهام المنوطة للصحفي ليست التحليل السياسي والعسكري، بل في نقل المعلومات والصورة بشفافية عالية وبما يمليه عليه ضميره المهني”.  ويضيف: “لا يمكن الإعلان عن أسماء وأرقام الضحايا دون التأكد من مصادر رسمية، حتى وفي حال تأخرت في الإعلان عن الحصيلة النهائية. لذلك، على المراسل أن يتحلى بالصبر في بعض الأحيان”.

 

ولا يخفي حالة القلق والخوف التي شعر بها عند اختراق رصاص القنص للمكان الذي تواجد فيه وطاقم العمل خاصة “عند تأدية الرسالة المباشرة فوق أسطح أحد المباني المكشوفة بشكل مباشر على المخيم”.

Facebook
Twitter
LinkedIn
Telegram
WhatsApp