Close

هل من إنجازات لوزير الزراعة السابق حسن اللقيس؟ أزمة فقدان المواد الغذائية والتثقيف الزراعي

حاورته: حياة الحريري.

منذ بداية ما يعرف ب”انتفاضة ١٧ تشرين كثر الحديث” في لبنان عن خطر ازمة معيشية غذائية قد تطال السلع الرئيسية. بعد استقالة الحكومة السابقة برئاسة دولة الرئيس سعد الحريري، حاورت “دياليكتيك” وزير الزراعة في الحكومة المستقيلة حسن اللقيس. ماذا فعل لمواجهة في الأزمة الاقتصادية؟ هل كنا فعلا وما نزال نعيش خطر ازمة غذائية؟ماذا يعني الميزان التجاري في القطاع الزراعي؟هل نحن مجتمع زراعيّ؟ كيف نحقّق التثقيف الزراعي لمواجهة الازمات؟ كيف تعاملت الوزارة مع المبادرات الفردية؟وأين التنمية المستدامة في خطة الوزير السابق؟

السلة الغذائية لمواجهة الازمة

يشرح اللقيس الترابط بين الوضع الاقتصادي والقطاع الزراعي اذ يستطيع ان يشكّل “القطاع الزراعي احد الدعائم الأساسية للاقتصاد اللبناني او احد أسباب أزماته من خلال قياس ميزان المدفوعات”. فماذا يعني ذلك؟

يقول اللقيس ان “الدولة اللبنانية تستورد منتجات زراعية بقيمة ٢٠ مليار دولار في حين أنها تصدّر بقيمة مليارين دولار فقط” وهذا يعني أن الدولة تعاني “من عجز تجاريّ يبلغ ١٨ مليون دولار”، ويعود ذلك إلى “نسبة الاستهلاك الكبيرة”.في الحالات الاقتصادية العادية، “لا يشعر المواطن بأي عبء بسبب قدرة الدولة على دفع تكاليف الاستيراد” على الرغم من أنه وبحسب اللقيس ” لو أعطي للقطاع الزراعي الاهتمام اللازم منذ سنوات عدة لكان سيشكّل رافعة للاقتصاد اللبناني لجهة تخفيف فاتورة الاستيراد بشكل كبير وتعديل الميزان التجاري”.

ماذا عن حالات العجز الاقتصادي؟ وكيف تعاملت وزارة الزراعة مع الازمة الاقتصادية ومع خطر وقوع ازمة غذائية؟

“في حال لم نستطع استيراد المواد الاستهلاكية الضرورية بسبب الازمات المالية، يجب علينا التفكير بخيارات أخرى، منها ما هو موجود وبمتناول اليدين او خارج عن السيطرة، وهو ما قمنا به في وزارة الزارعة”. يشرحاللقيس مكوّنات ما يعرف بالسلة الغذائية واهمّها الخبز، واللحوم (الحمراء والبيضاء)، والألبان والأجبان، والخضراوات.

الخبز

” يستورد القطاع الخاص في الخبز بقيمة ما يقارب المليارين و٧٠٠ ألف دولار. بالطبع هذا الرقم كبير ويمكن تخفيضه من خلال زراعات القمح الذي يستخدم لصناعة الخبز”. وعلى الرغم من أن لبنان اشتهر تاريخيا بقدرته على زراعة القمح وتصديره فهو يعاني اليوم من نقص كبير في زراعات القمح ” لعوامل عدة منها عدم تلاؤم المناخ وأخرى لها علاقة بالحسابات التجارية لدى التجار”. من هنا، كان القرار بإيلاء زراعة القمح في لبنان أولية بهدف الاستغناء عن الاستيراد اولا بسبب الأزمة الاقتصادية ذلك أن الدولة بالإضافة إلى كلفة الاستيراد مجبرة على دفع دعم للخبز وتعويضات للمزارعين دون أي افادة للمزارع ولا للدولة ولا للقطاع”. ثانيا، من شأن ذلك “أن يريح المزارع بحيث يستفيد من المحصول عند بيعه من جهة كما في تأمين احتياجات عائلته في حالم لم يبع المحصول كلّه”.

في هذا الإطار، يشرح اللقيس أن “الوزارة طرحت مبادرة وافق عليها مجلس الوزراء في حكومة الرئيس سعد الحريري الأخيرة وتقوم على محاولات لزراعة القمح الطري الذي يستعمل في زراعة الخبز بحيث نقوم بتشجيع المزارع من خلال توفير القمح له من دون أي تكلفة ليقوم بزرعه ضمن ضوابط معيّنة. وقمنا بفتح باب تقديم الطلبات من قبل المزارعين بحيث وضعنا بندا جزائيا ينصّ انه في حال حصل المزارع من الوزارة على القمح ولم يقم بزراعته، فإنه يتوجّب عليه ان يدفع ٨٠٠ ليرة، أي أكثر من كلفته الأساسية”. هذا المشروع الذي وضعت وزارة الزراعة أسسه وباشرت بتنفيذه في عهد الحكومة السابقة، كان يتمّ “بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد”. وبحسب اللقيس، “فقد شكّل المشروعحافزا كبيرا عند المزارعين وشجّع البعض الآخر من اللذين لم يملكوا أرضا لزراعة القمح الأبيض على طلب المساعدة للبدء بزراعة القمح الأبيض”. ولم يقتصر الأمر على المزارعين فقط، بل أسّست هذه المبادرة لعلاقة تعاون بين وزارة الزراعة من جهة والبلديات واتحادات البلديات من جهة أخرى لتأمين زراعة القمح في مختلف المناطق اللبنانية، من الجنوب إلى البقاع والشمال”.

الخضار

في هذا القطاع، يشرح اللقيس أن الوزارة عملت على وضع ضوابط بحيث “خضعت عملية استيراد الخضار الى إجازة بمعنى انه لا يمكن استيراد الخضار الا بموافقة الوزير شخصيا” وذلك “لتخفيف الإنفاق، وتشجيع المزارع في لبنان وإعطائه حقّه في تأمين لقمة عيشه من زراعته”.

حماية اللحوم

يقول اللقيس أنه لا يستطيع “تلبية السوق كلّه باللحم الأحمرما يجعل الاستيراد حاجة لا يمكن الاستغناء عنها”. كما عملت الوزارة أيضا على وضع “ضوابط دفعت الناس للتفكير بتطوير مزارعها”. اما في ما يخصّ الدجاج والبيض فإن الوزارة “منعت استيراده كليّا لأن المزارع اللبناني يستطيع أن يغطّي احتياجات السوق”.

الألبان والأجبان

عملت الوزارة على حماية حقوق المزارع اللبناني من خلال إصدار قراربرفع “كيلو الحليب إلى ١٠٤٠ ليرة بعد أن كانت قيمته ٨٠٠ ليرة في حين كان المزارعون يعتصمون دائما ويطالبون برفع السعر إلى ١٠٠٠ ليرة”.

الزراعة والتنمية المستدامة

يعاني القطاع الزراعي في لبنان كما كل القطاعات الأخرى من غياب للخطط واقتصار عمل الوزارات على حلول مرحلية دون التأسيس لخطة عمل مستدامة تحمي المزارع كما تنظّم عمل القطاع. ولأن الزراعة هي من صلب التنمية وخاصة في ظلّ التغيّرات الاقتصادية والبيئية والمناخية، كان لا بدّ من السؤال عمّااذا هناك خطط طويلة الأمد تنظّم القطاع.

يؤكداللقيس انه “وادراكا منه لضرورة تنظيم القطاع، فقد عملت الوزارة على تطبيق مشروع قانون بطاقة المزارع الذي يعتبر بنك المعلومات حول الموقع الجغرافي لأرض كل مزارع، مساحتها وأنواع المزروعات وغيرها من المعلومات المطلوبة حتى نتمكّن من وضع خطط فاعلة تطوّر القطاع وتنظّمه”

هل نملك ثقافة زراعية في لبنان؟

ويكشف اللقيس ان “الوزارة أطلقت سلسلة من الدورات الارشادية الزراعية لدى المزارعين، كما كانت تبحث في إقامة صندوق ضمان لهم او تأمين او صندوق تعاضد لضمان حقوقهم ومتابعة شؤونهم خاصة انهم يعانون من الكوارث ولا احد يعوّض عليهم”. الدورات الارشادية تتضمّن اقامة برك زراعية، ترشيق الريّ ايّ تدريب المزارعين على استخدام التكنولوجيا، بالإضافة الى دراسة نوعية المزروعات والتربة .تبلغ كلفة هذا المشروع الذي بدأ بتطبيقه اللقيس بالتنسيق مع البنك الدولي٩٠ مليون دولار موّزعة على الشكل التالي: ثلث القيمة على شكل هبة مقدمة من البنك الدولي، على ان تكون ثلثيّ الكلفة على شكل قرض لمدة ٢٠ سنة بفائدة تبلغ ١٪.

المبادرات الفردية في ظل الازمة

في العودة الى الازمة الاقتصادية في لبنان والكلام عن خطر حدوث ازمة غذائية، يؤكّداللقيس ان الوزارة دعمت عددا من المبادرات الفردية التي بدأت بالانتشار على كامل الأراضي اللبنانية. ” لدينا مصالح زراعية في كل محافظة، وفي كل مصلحة لدينا العديد من المراكز الزراعية بحيث تمّ تعيين في كل مركز مهندسا زراعيا وطبيبا بيطريا للتواصل مع الناس والمزارعين” لافتا الى أهمية هذه العلاقة بين المزارع والمواطن العادي من جهة وبين الوزارة. في هذا الاطار، يشير اللقيس الى ان فتح باب هذه المراكز لكلّ مواطن لكي يتقدّم بطلب مساعدة وزارة الزراعة من خلال تزويده بالكمية التي يحتاجها من القمح ومساعدته على زراعته بالشكل الصحيح.

المدارس الزراعية

يكشف اللقيس ان في لبنان مدارس زراعية وارشاد زراعيّ الا انها مهملة جدا. لذا، و”بالتعاون مع منظمة اليونيسيف، قامت وزارة الزراعة بتلزيمها بهدف إعادة ترميمها وانشائها بالشكل المطلوب لتكون نموذجية بحيث كانت تكلفة كل مدرسة ما يقارب ٦٠٠ يورو. من المتوقع ان تبدأ العمل بعد أشهر قليلة. أيضا، كان هناك طرح لكي يعطى راتب للطالب بمعنى مساعدة شهرية من الدولة اللبنانية بالإضافة الى المراكز الزراعية التي تعطي دورات ارشاد زراعي”. بالنسبة لللقيس، هذا “الموضوع أساسيّ جدّا ومهم، اذا انه يؤسس لثقافة زراعية مستدامة حول كيفية العمل الزراعي الصحي لحيث نوعية السماد والمبيدات غيرها من الأمور التي تؤثر مباشرة على صحة الناس كما البيئة”.

Facebook
Twitter
LinkedIn
Telegram
WhatsApp