Close

“الصحافي في “قناة المنار” والناشط أحمد طه ل “دياليكتيك

"نحن بصدد إطلاق شبكة عالمية لتوثيق أوقح سرقة لأرض وهوية وثقافة"

كيف تقيّمون الحملات الإعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي لمناصرة القضية الفلسطينية، أكان خلال العدوان على غزة أم تلك المستمرة في ما يخص القدس؟

لا يمكن لأي ناشط أو متابع على وسائل التواصل الاجتماعي أن ينفي الدور الكبير الذي لعبته هذه المنصات في تحويل قضية تهجير أهالي حي الشيخ جراح في القدس من قضية فلسطينية محلية الى قضية عالمية لا سيما بعد دخول غزة على محور المواجهة المباشرة، إذ تحوّل المتفاعلون افتراضياً مع المشاهد التي كانت تصل من فلسطين عبر ناشطيها إلى قوة بشرية كبيرة جابت شوارع دول العالم رافعة علم فلسطين وصرخات الفلسطينيين الذي يتعرضون لأبشع عملية سرقة للأرض والهوية. إلى ذلك، شكّلت منصّات التواصل الاجتماعي دافعاً أساسيا لاستقطاب مواطنين في دول غربية لطالما كانت فلسطين كقضية مغيبة عنهم وعن اهتماماتهم. هنا، يعود الفضل إلى المغردين العرب الذي كتبوا ونقلوا المشهدية الفلسطينية باللغة الانجليزية كلغة عالمية جامعة للشعوب

 

هل كان يتمّ/ ما يزال التنسيق والتشبيك مع مجموعات وصفحات معيّنة في إدارة اللعبة الإعلامية أم الأمر اقتصرعلى النشاط الفردي؟ هل هناك نوع من تنظيم العمل وتوثيقه؟ ولمن تتوجّهون بحملاتكم؟

عملياً لم يكن هناك أي تنسيق في بداية الحملة الأخيرة على القدس وما تعرض له المقدسيون من مضايقات خلال صلاتهم في المسجد الاقصى، إنما التنسيق فرض نفسه على الناشطين كوسيلة لتوسعة الدائرة المستهدفة من الحملات التي تكثفت مع انطلاق العدوان على قطاع غزة وأصبح هناك شبكة تواصل كبيرة بين المغردين والناشطين والصحافيين من فلسطينيين وآخرين من دول عربية. ومن تجربة خاصة أستطيع التحدث عن شبكة جمعت ناشطين من قطاع غزة والضفة والقدس وما يعرف بالأراضي المحتلة عام ٤٨ بالإضافة لناشطين لبنانيين وسوريين وعراقيين ويمنيين وتونسيين وجزائريين، وتمكنا في الآونة الاخيرة من جذب ناشطين من دول أوروبية كبريطانيا وألمانيا وفرنسا وروسيا بفضل حلقة ربط لعبت فيها الجاليات العربية دوراً مهماً.التنسيق لا يزال مستمراً لا سيما مع استمرار حملات الاقتحام للمسجد الأقصى والمضايقات التي يتعرض لها أهالي حي الشيخ جراح ونعمل على توسيعها أكثر

 

استخدمت إسرائيل في الردّ على وسائل التواصل الاجتماعي الطريقة نفسها التي اعتمدها المغرّدون الذين يناصرون فلسطين، أي باستخدام “هاشتاغ” والعمل على انتشاره حول العالم. أيضا، لرفع معنويات جمهورهم في الخارج عمدوا إلى نشر صور الغارات فقط والتعمية عن الضربات التي تعرّضوا لها من المقاومة. هل قمتم برصد هذا الأمر؟ هل تتابعون هذه الحسابات او التحركات؟ هل تعلمون ما هو عددها؟

بالطبع، نحن نرصد بشكل مستمر النشاط الاسرائيلي على وسائل التواصل الاجتماعي، لكننا مطمئنون، هذه الحملات أفشلت نفسها بنفسها دون مجهود، والسردية التي لطالما اعتمدها الاحتلال لتبرير هجماته العسكرية واعتبرها “دفاعاً عن النفس” لم تلقَ تجاوباً عالمياً، بل كانت محط سخرية. أذكر أن إحدى الحسابات الصهيونية نشرت صورة لطفلة إسرائيلية تضع يديها على أذنيها خوفاً من الصواريخ الفلسطينية، بمراجعة بسيطة للتعليقات التي كانت بجزء كبير منها لناشطين أوروبيين وأميركيين، يظهر أن اغلب الصور التي أعاد الناشطون نشرها كانت للأطفال ال٦٧ الذين قتلوا بالقصف الاسرائيلي على قطاع غزة وأرفقها الناشطون بعبارة اوقفوا قتلكم للأطفال. إن حجم الإجرام الإسرائيلي بحق مدنيي قطاع غزة كان أكبر من حملة من هنا أو صور ينشرها الاحتلال من هناك، لذلك فلا خوف على أي مفاعيل ايجابية “لجهة الاحتلال” من هذه الحملات

 

لا شكّ أنه يتمّ التشويش على الحملات الإعلامية المناصرة لفلسطين عبر حسابات وهمية و/او انحياز شركات وسائل التواصل لإسرائيل. كيف تواجهون هذا الأمر؟ وهل لديكم عدد الحسابات الوهمية؟

في الحقيقة لا أرقام لدينا، لكن الحسابات الوهمية عددها كبير، والغريب أننا رصدنا عدة مراكز لها “السيرفر الذي ينشئها” وكان أغلبها من دول خليجية. ورغم ذلك هذا الأمر ليس مهماً فالوعي التراكمي كان أكثر جدوى، والحسابات الفاعلة والحقيقية كان صداها أعلى. انما الخطر الحقيقي جاء من سياسيات مواقع التواصل الاجتماعي التي عملت على حجب العديد من المنشورات والصور والفيديوهات التي توثق إجرام الإحتلال الاسرائيلي، “فايسبوك” و”انستغرام” على سبيل المثال لا الحصر انحازت بشكل كامل للعدو، أغلقت الكثير من الحسابات الفاعلة، وبعضها كان موثقاً بالعلامة الزرقاء. وهذه سابقة تهدد حرية الرأي والتعبير. ما العمل؟ أستطيع ان اقول إن الإبداع الفلسطيني تخطى كل التوقعات، إذ أطلق الفلسطينيون حملة شارك بها الملايين حول العالم -ولا أبالغ في القول حين أقول الملايين- هذه الحملة ركزت على تخفيض تصنيف هذه التطبيقات على متجري “غوغل” و”آبل” في الهواتف الذكية ما ألحق خسائر مالية كبيرة لهذه التطبيقات، وقد لمسنا جدوى الحملة مؤخراً مع إصدار “فايسبوك” (وهي الشركة المالكة ل “فايسبوك” و”انستغرام” و”واتساب”) اعتذار حول سياستها القمعية، مع وعد بمراجعتها. الآن ومع إجابتي عن هذا السؤال وصل تصنيف فيسبوك الى ١،٣ بعدما كان يتخطى ٧،٩ وهذا امر إيجابي جداً. لدينا الكثير لنفعله

 

هل أتاكم ردّ مباشر من مغرّد أو ناشط إسرائيلي؟

نعم بالتأكيد، المتحدث باسم جيش الاحتلال الاسرائيلي أفيخاي أدرعي لا يهدأ، دائما ما يحاول الرد بشكل مباشر على حملاتنا، كما وأن الناشط السياسي الاسرائيلي ايدي كوهين والصحافي الصهيوني روعي قيس يحاولان خرق حملاتنا باستمرار. لكن اؤكد أن جهودهم فاشلة فقد عملنا على حملة لحظر حساباتهم وتجاوب معنا آلاف من الناشطين. هذه الحملات الاسرائيلية مستمرة، منذ يومين، قامت ضابط بجيش الاحتلال تدعى كيرين هاجيوف بمتابعتي، لم أتردد في حظرها، لا مكان لهم بيننا. وأدعو عبر هذه المقابلة كل الناشطين الذين يقرؤون إلى فعل المثل، هم يحاولون خرقنا ولن نسمح لهم بذلك.

 

هل تتابعون التفاعل في العالم حول ما تقومون به من نشر للحقائق من خلال “الهاشتاغ”؟ هل هناك تبدّل في المزاج العالمي؟  كيف تقيّمونها؟ هل لديكم إحصاءات أو أرقام حولها يمكن إطلاعنا عليها؟ وهل يمكن الشرح مع الأمثلة؟

التفاعل موجود وبكثرة، ولا يمكن إحصاؤها لأن “الهاشتاغات” كانت تتبدل يوميا إذا لم أفل لحظوياً، لكن لتوثيق ما أقوله، يمكنكم الدخول إلى “هاشتاغي” #انقذوا_حي_الشيخ_جراح و #savealsheikhjarrah وهما الأكثر تداولا في الفترة الأخيرة، ولا يزالان مع استمرار المضايقات الإسرائيلية. مع الضغط عليها يمكن مشاهدة ملايين التغريدات التي تحتوي على صور وفيديوهات توثق ممارسات الاحتلال.

وهنا يمكن المجيء على ذكر الناشطة الفلسطينية منى الكرد التي تعيش في حي الشيخ جراح. هذه الشابة تحظى بمتابعة أكثر من ٧ ملايين متابع حول العالم، وهي تلعب دورا كبيرا في نقل تلك الممارسات لا سيما عبر حسابها على “انستغرام”. وبدورنا نقوم بنشر تلك المواد على “فايسبوك” و”تويتر”.

التفاعل العالمي كبير، جولة بسيطة على “الهاشتاغ” المكتوب بالإنكليزية يمكن رصد عشرات الاف التغريدات لناشطين من دول حول العالم.

 

هل تعتبرون أنه بالإمكان فعليّا مواجهة التضليل العالمي حول القضية الفلسطينية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي؟ كيف؟

بالطبع يمكننا ذلك، نحن في الحقيقة بدأنا خوض هذا التحدي، ونزعم أننا ننجح، كيف لا واستطعنا استقطاب أصوات الناشطين في دول غيب عنها الاعلام التقليدي احقية القضية الفلسطينية، لا بل أكثر من ذلك، في عدد كبير من الدول الغربية، الإعلام التقليدي حاول ترسيخ فكرة دفاع الإسرائيليين عن أنفسهم عبر هجماتهم المتكررة على غزة، لكن اليوم بات يدرك شارع كبير في هذه الدول أن ما يقوم به الفلسطينيون هو ردة فعل على فعل. هو مقاومة لاحتلال، مقاومة لمحاولة تهجير أصحاب أرض من أرضهم، لمحاولة سرقة ثقافة وهوية. الشعارات التي رفعت في المسيرات التضامنية في الدول الغربية كانت “الحرية لفلسطين “، الحرية من ماذا؟ من احتلال! ملايين حول العالم تبدلت خطاباتهم، الاسرائيليون ذكروا ذلك في وسائل اعلامهم التي نرصدها ايضا بفعل عملنا الصحافي.

 

كيف تقيّمون تجربتكم الخاصة على “السوشيال ميديا” في محاولة إيصال الصوت الفلسطيني وما تتعرّض له فلسطين؟

في الحقيقة منذ بدء الأحداث في غزة ونحن نعاني من قلة في النوم، لقد كنا نستيقظ ما يقارب العشرين ساعة في اليوم، لأننا نود متابعة الأحداث بشكل لحظوي، لا سيما وأن القصف على غزة كان يتكثف في ساعات ما بعد منتصف الليل، والرد الفلسطيني على الاعتداء كان في التوقيت عينه، هذه المتابعة لمسنا نتائجها بشكل يومي. على الصعيد الشخصي شاركت مرات عدة بندوات على منصات التواصل الاجتماعي بمشاركة عربية واسعة ضمت ناشطين من العراق وسوريا وفلسطين، وتونس والجزائر ولبنان.

في إحدى المرات كان الوقت متأخراً، راسلني ناشطون من أميركا وطلبوا مني المشاركة عبر البث المباشر في تحرك لهم شارك به الآلاف في ولاية ميشيغان الأميركية. نعم صوت الفلسطينيين كان يصل إلى كل بقاع الأرض، ولا فضل لنا بذلك، لقد قمنا بأقل الواجب تجاه ما نعتقد بأنه قضيتنا ألا وهي فلسطين.

 

ما هو المطلوب برأيكم لإحداث تغيير في الرأي العام العالمي بعد تجربة توثيق ما يحصل على السوشيال ميديا؟

برأيي المطلوب اليوم أن يبقى النشاط كما كان عليه خلال ال١١ يوماً من العدوان على غزة، بل المطلوب أن يزيد أكثر. الشعوب تعاني بما تعانيه من مشاكل، ورغم ذلك خرج الملايين حول العالم لنصرة فلسطين، هذه المشاركات ما كانت لتكن لولا الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي، وإذا انتهت هذه الحملات سينتهي معها كل تحرك على الأرض. نحن بصدد إطلاق شبكة عالمية تجمع ناشطين من دول عربية وغربية وآسيوية وأفريقية، نحن بحاجة لمجهود الجميع. هذه الشبكة ستأخذ على عاتقها إطلاق حملات بعدة لغات في التوقيت عينه، ليصل الصوت إلى كل العالم، الهدف هو ترسيخ فكرة أن “دولة اسرائيل” لا وجود شرعي لها وهي قامت على أراضي احتلتها بالقوة وهجرت أصحابها الحقيقيين، وما سنركز عليه أن في عام ١٩٤٨ لم نكن نملك هواتف ذكية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لتوثيق أوقح سرقة لأرض وهوية وثقافة، ولكن الأمر اختلف في العام ٢٠٢١، وما يحصل في حي الشيخ جراح في القدس ما هو إلا دليل صغير على كيف سرقت “إسرائيل” أراضي الفلسطينيين عبر ممارستها التطهير العرقي، ولولا ردة فعل الفلسطينيين المتمثل بالمقاومة لكانت القضية قد انتهت منذ سنوات. وهذه دعوة للجميع لإعلاء الصوت والقول بأن هذه الأرض لأصحابها الفلسطينيين ويجب أن يستردونها. لدينا يقين بذلك.

Facebook
Twitter
LinkedIn
Telegram
WhatsApp